ليسوا أصحاب الزمان: أو لماذا ينبغي أن نحتفل بشم النسيم في موعده


 


"ليلة القدر خير من ألف شهر"

 

"إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها، لعله أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقون بعدها أبدا"

 

***

النهاردة الحكومة المصرية بنتاقش "ترحيل" أجازة شم النسيم من يوم الاثنين ليوم الخميس

 

طبعا الترحيل دة له منطق: الاثنين يوم في وسط أسبوع العمل، وبالتالي يصعب فيه الترتيب لسفر وعودة، لكن الخميس – في المقابل – يسبق الأجازة الأسبوعية (وهي عند قطاع كبير من الناس، وعند الغالبية العظمى من المدارس في مصر، الجمعة والسبت)، وممكن، لو الخميس أجازة، قطاع من الناس يقرروا الاستفادة من العطلة الطويلة لنهاية الأسبوع في السفر. 

 

دة أمر – بالإضافة لفائدته للمسافرين دول، كونه بيسمح لهم بقدر أكبر من الراحة – ممكن يكون كمان يساهم في تنشيط قطاعات من الاقتصاد، خاصة القطاعات المرتبطة بالسياحة الداخلية

 

لكن القرار دة بيقوم على افتراض أساسي، هو إن مقصود الاحتفال بشم النسيم هو الحصول على قسط من الراحة من العمل، وإنه – بالتالي – الاحتفال مش مقصود بيه يوم معين، بذاته، فمفيش ضرر ولا خطأ هينتج عن نقل الأجازة من الاثنين للخميس

 

بعبارة أخرى، الافتراض الأساسي هنا هو إن الوقت – في ذاته – متساوي القيمة، يمكن بالتالي تقسيمه لوحدات متساوية القدر والقيمة، أيام أو ساعات، ما بعضها عن بعض هو ما يمكن أن نفعله فيها: كل الأيام في ذاتها متساوية، لكننا اصطلحنا إن الجمعة والسبت أجازة، وبالتالي إذا كان في يوم آخر في الأسبوع أجازة، فضمه إلى الجمعة والسبت أحسن من تركه في وسط أيام العمل

 

***

 

هل الأيام فعلا متساوية؟ إجابة السؤال دة بتختلف باختلاف جهة النظر:

 

من منظور اقتصادي: الأيام طبعا متساوية. كل يوم فيه عدد معين من الساعات، تساوي – بقدر معين من العمل – قدر معين من الإنتاج. والعمال لا بد لهم من راحة، يتم تريبها في وقت معين، بحيث يتحولوا في الوقت دة لمستهلكين للمساهمة في نمو الاقتصاد. 

 

لكن دة مش التصور الوحيد للوقت. كل الناس تقريبا عندهم التصور الاقتصادي دة، لكن كلهم (أو على الأقل الأغلبية الكاسحة منهم) عندهم تصور مقابل، الوقت فيه وحدات متمايزة لا يمكن استبدال بعضها ببعض. 

 

سواء لأسباب شخصية، زي الوحدات اللي حصل فيها مناسبات مهمة كالولادة والوفاة والارتباط وغيره، هي وحدات بيتم الاحتفال بذكراها و"تفويت" الاحتفال، أو استبدال يوم بيوم بيكون سبب للضيق الشخصي أو المشكلات الاجتماعية، أو لأسباب تاريخية تخص كل مجتمع، زي وحدات الزمن اللي حصل فيها أحداث تأسيسية في الحياة الجمعية لجماعة من البشر: انتصار عسكري، أو تحرر من محتل، أو ثورة، وبيكون تذكرها والاحتفال بيها ضروري للإبقاء على تماسك الجماعة دي 

 

أو لأسباب دينية...أتباع أغلب الأديان يعتقدون أن الخالق ميز بعض الأوقات على بعض. المسلمين مثلا عندهم مناسبات سنوية زي ليلة القدر، وليلة النصف من شعبان، وعيد الفطر وعيد الأضحى، والمولد النبوي الشريف، وعاشوراء، ومناسبات أسبوعية زي يوم وليلة الجمعة


المناسبات دي فيها معنى يتكرر كل سنة: هي محل نظر الإله اللي بيميزها عن غيرها ببركة لا تحل في وقتها. ليلة القدر مثلا عند المسلمين هي ليلة العمل الصالح فيها "خير" من ألف شهر مفيهومش ليلة قدر، فهي مش وحدة زمنية مساوية لغيرها بحيث إنه – مثلا – الواحد ممكن يقول أنا عندي مشروع شغل هخلصه في أخر أسبوعين في رمضان ثم استغل العيد – كونه أصلا- أجازة في العبادة بقصد إصابة ليلة القدر

 

***

وجود أكتر من تصور للزمن شيء طبيعي، وموجود في البشرية منذ قرون. ومن تجليات ذلك وجود أكثر من تقويم. في مصر مثلا: التقويم القبطي هو الأكثر ارتباطا بالمعيشة اليومية للناس، لارتباطه بمواسم الزراعة...أغلب الأمثلة المصرية المتعلقة بالزمن قائمة على التقويم القبطي: توت ري ولا تفوت....في شهر بابة خش واقفل البوابة...هاتور أبو الدهب منثور...برد طوبة يخلي الشابة كركوبة...أمشير يفصص الجسم نسير نسير...وفي برمهات روح الغيط وهات...الشهور دي مرتبطة بالوجدان، والناس عارفة إيه اللي تتوقعه من الطقس، وإيه اللي تتوقعه من العمل كل شهر، لدرجة إنها بيضرب بيها المثل: العصبي مثلا بيكون عامل زي زعابيب أمشير..وهكذا

 

وفي نفس الوقت التقويم الهجري مرتبط بالمناسبات الدينية الإسلامية: العامة منها زي اللي فوق، أو المحلية زي موالد الأولياء، ودول كانوا بيملوا الأجندة السنوية

 

يعني كان في زمن الزراعة والفلاحة، وزمن النفحات والأولياء...الأول كان أكثر انتشارا في التعاملات بين الناس، والتاني كان أكثر انتشارا في المكاتبات الرسمية (كما كانت العامية المصرية ولم تزل أكثر انتشارا في المعاملات اليومية والفصحى في المكاتبات)

 

***

التقويمات المحلية المختلفة دي كانت متعايشة لحد لما طغى عليها التقويم الميلادي

 

وطغيان التقويم الميلادي كان مرتبط بالأساس بأزمة الديون اللي عانتها مصر في سبعينات القرن التاسع عشر، وما تبعها من تأسيس صندوق الدين العام، والاتجاه لإدارة موارد مصر بشكل أفضل لسداد الديون للمقرضين الأوروبيين

 

أون باراك – في كتابه "عن الوقت" – بيلاحظ إن علي مبارك في كتاباته كان بيستعمل التقويم الهجري وهو بيحكي عن طفولته وصباه، لحد سنة ١٨٧٦ (سنة تأسيس صندوق الدين)...كل الأحداث التالية لها بيأرخ لها بالتقويم الميلادي

 

ليه؟ لأن الديون بتكون هي الهاجس الحكومي الأكبر بدءا من سنة ١٨٧٦

وسداد الديون بيتم على أقسام مرتين في السنة: في الأول من يونيو، والأول من ديسمبر

وجهاز إدارة الدولة بيعمل على مدار السنة للتأكد من وجود الموارد اللازمة في الوقت دة لسداد الأقساط

وبالتالي الضرائب المفروضة على الناس، المزارعين والتجار وغيرهم، بيتم تحصيلها في موعد مرتبط بهذه المواعيد

والناس دول بالتالي بيرتبوا حياتهم للتأكد من قدرتهم على سداد الضرائب المستحقة عليهم في الأوقات دي لئلا يتعرضوا لبطش الحكومة

 

يعني الأول من يونيو والأول من ديسمبر اتحولوا لأيام ليست كغيرها من الأيام

اتحولوا لأيام بيتم تنظيم كل الأيام الأخرى على أساسها

لدرجة إنها فاقت في الأهمية التقويمين المحليين: القبطي والهجري، وصار التدوين، وحساب الزمن، سؤاله الأساسي هو الديون

 

***

التنازع بين تصورين للزمن – أحدهما يرى الزمن مكونا من وحدات فارغة متساوية القدر والقيمة، والآخر يميز بعض الأوقات عن بعض – هو صراع يدرك إن الزمن زمنين، وإن لكل زمن منهم منطقه. هو صراع مفيهوش تصور للزمن بيحاول يلغي الآخر، لكنه صراع على من يكون الزمن الأساسي، ومن يكون الزمن الهامشي

 

ساعد في تهميش زمن الزراعة إن الاقتصاد أصبح كله أكثر ارتباطا بـ"الاقتصاد العالمي"، وإن المواسم المحلية بالتالي لازم تكون هامشية (كأن "العالمي" دة نشأ هكذا: عالمي، مش محلي عممه الاستعمار)

 

وساعد على تهميش زمن الأولياء والموالد إن "المحلية" لم تعد جزءا مهما فيه: "الأجندة الإسلامية" صارت أجندة "الأمة الإسلامية" مفيهاش مكان للمناسبات المحلية التي اكتظت بها الأجندات كموالد الأولياء المحليين

 

وطبعا صعود الخطاب الوهابي، اللي أصر على عدم الاحتفال بأي شيء سوء عيد الفطر وعيد الأضحى، قصر أهمية التقويم الهجري عليهما وعلى تحديد بداية رمضان...وصعب جدا ملاحظة تقويم لدرجة تسمح بالاعتماد عليه طول السنة إذا كانت فائدته وارتباطه بحياة الناس مقتصر على أيام معدودة

 

كل هذا التهميش لم يكن مطلقا: الصوفية مثلا – مستفيدين من نفس وسائل التنقل التي همشت مع المحلية – حولوا زمن الأولياء إلى زمن قُطري: تكونت أجندة الموالد من كل أولياء القطر المصري، يسافرون إليهم في الموالد، من أبو العباس المرسي والبوصيري في الأسكندرية، لعبد الرحيم القناوي في قنا وأبو الحسن الشاذلي في حميثرة، مرورا بالسيد البدوي وإبراهيم الدسوقي، وكبار آل البيت، والإمام الشافعي، وغيرهم، رضي الله عنهم أجمعين...لما الأجندة امتلأت، بقي التقويم مهم


وحتى لما كانت اليد العليا للتقويم المنشغل بالاقتصاد، كان التقويم دة بيقدم نفسه باعتباره العام الذي يصلح للتواصل بين الناس كلها باختلاف أديانهم ومواسمهم ومناسباتهم...لكن هذا الزمن العام بيسمح للإنسان إنه يمارس سيادته عليه، ويستخرج منه بعض الأوقات المقدسة، يكتب في الأجندة من أول السنة الأيام اللي هيحتفل فيها بمناسبات خاصة، والأجندات – أو أغلبها- كان من نفسه بيعمل حساب للمناسبات الدينية اللي محتمل يهتم بها القراء في إطار إقليمي محدد

 

***

 

هل في أي مكان للتعدد في العالم اللي احنا عايشين فيه؟

 

ويندي براون، وقبلها ميشيل فوكو، بيشوفوا إن من أهم ما يميز النيوليبرالية كمنطق اقتصادي انها مش شايفة نفسها منطق اقتصادي، لكن منطق لإدارة الحياة كلها: كل فعل هو فعل اقتصادي، لأن كل فعل له أثر اقتصادي. ولغة الاقتصاد هي اللغة الوحيدة الصالحة لإدارة حياة البشر بشكل رشيد...براون في مقدمة كتابها بتناقش خطبة تنصيب أوباما في ولايته التانية، اللي أتكلم فيها حقوق اقتصادية واجتماعية مختلفة، وبتقول ملاحظة مهمة: أوباما في كل كلامه عن الحقوق دي كان منطقه إن حصول الناس أحسن للاقتصاد...مفيش حاجة لها معنى في الحقيقة إلا إذا تمت ترجمتها للغة اقتصادية

 

الزمن الروحي أو الديني أو الثقافي مش ممكن يتسابوا في حالهم باعتبارهم زمن موازي لزمن الاقتصاد، أو استثناءات منه...اه هي استثناءات منه لكنها برضه لازم تكون خاضعة لمنطقه

 

أول مناسبة حصل فيها كدة في العالم طبعا هي الكريسماس: عيد الميلاد انتزعت منه كل صفة روحية واتحولت لأجازة، وباعتبارها إجازة و"موسم الأعياد" في موسم كامل لمقابلة الناس لأهاليهم، والموسم دة مرتبطة به توقعات سواء خاصة بالهدايا أو بالترفيه (أفلام السينما اللي بتنتج في الموسم دة، مباريات الدوري الإنجليزي اللي بتتكثف في الأسبوع دة) وهكذا 

 

طبعا رمضان إلى حد ما خاضع لنفس المنطق (لكن مش بنفس الدرجة): موسم للاجتماعات الأسرية (قبل الكورونا طبعا) المرتبطة بإنتاج نوع معين من السلع الغذائية، وحتى المعنى الاقتصادي لعمل الخير في رمضان، وموسم المسلسلات (المرتبطة بالإعلان عن الأعمال الخيرية وعن السلع الغذائية، وغيرها من السلع طبعا)

 

دي كلها من صور تحويل الزمن الروحي/الديني لزمن اقتصادي...بدل ما رمضان بيعطل الإنتاج بقة رمضان نمط إنتاج مختلف، وموسم له سلع بيتم إعدادها من قبله، ونظام متكامل قايم عليه...وبالتالي الزمن الروحي هنا لا يسبب أي مشكلة

 

وزي ما قال بعض القرشيين: ألهة قريش عبادة وتجارة، وكله متراضي

 

***

 

من يملك الزمن؟ السيطرة على الزمن الروحي (أو الزمن غير الاقتصادي بشكل عام) وإخضاعه للمنطق الاقتصادي مش ممكن تكون كاملة من غير الإجابة على السؤال دة

 

يعني في النهاية البنية التحتية للزمن الاقتصادي فيها "الاجازات الخادمة للاقتصاد" (أو الاستثناءات من النظام الاقتصادي الخادمة له) بتكون في مواسم محددة: "نهاية الأسبوع" و"موسم الأجازات"...واستقرار المواسم دي مهم...لو هبني مصالح اقتصادية على سفر الناس لزيارة أهاليهم في موسم الأجازات فلازم تكون الأجازات دي محددة سلفا بشكل دقيق عشان الناس تحجز سفرها

 

بس أيام الأجازات مش دائما بتكون أحسن أيام للحسابات الاقتصادية: العيد القومي مثلا لو كان يوم ثلاثاء، فدة هيكون عطلة للإنتاج، وفي نفس الوقت غالبا ناس كتير هترتاح في البيت وخلاص، فمش هيحولوا لمستهلكين على نحو يخدم قطاعات أخرى من الاقتصاد....يبقى المطلوب أن تحكم السلطة الزمن، وتنقل الاحتفال بهذه المناسبات لأيام أخرى الاحتفال فيها أنفع للاقتصاد...أمريكا على سبيل المثال بتعمل كدة: أغلب الأعياد فيها مش مرتبطة بيوم محدد، لكن بعطلة نهاية الأسبوع: عيد الشكر في اليوم السابق لعطلة نهاية الأسبوع الأخيرة في نوفمبر، عيد العمال في اليوم اللاحق لعطلة نهاية الأسبوع الأولى في سبتمبر...بكدة كل الأجازات بتكون أولا محددة سلفا، ثانيا مرتبطة بعطلة نهاية الأسبوع على نحو يجعلها تساهم في تنشيط الطيران وقطاعات من الاقتصاد

 

الدولة سهلة جدا تعمل دة في مناسباتها: سهل كدة تنقل مثلا الاحتفال بالعيد القومي...في الآخر هي هنا لا تتعدى على أي تصور آخر للزمن

 

لكن المشكلة بتحصل لما يكون الاحتفال دة تابع لزمن آخر...كما هو الحال مع شم النسيم مثلا: شم النسيم يوم الاثنين، اليوم التالي لعيد الفصح...وطول عمره كدة، وطول عمره مناسبة احتفال له طقوس معينة، ولم يسبب هذا الأمر أي ضيق، لأن دائما في منطق غير المنطق الاقتصادي لحكم الأمور...

 

لكن في لحظة معينة، اللحظة اللي بيتمكن فيها المنطق الاقتصادي، بيظهر فجأة عوار: شم النسيم يوم الاثنين والأنسب أن يكون الأحد أو الخميس ليضم لعطلة نهاية الأسبوع...هنا تحاول الدولة أن تمارس سلطة غريبة: نقل الاحتفال ليوم آخر...نقل الاحتفال مش نقل شم النسيم نفسه، لأنه شم النسيم هو بالتعريف في اليوم التالي لعيد الفصح، وعيد الفصح بالتعريف يوم الأحد

 

هنا السيطرة على الزمن جزئية، قائمة على فصل المناسبة عن الاجازة، وهو فصل ينتج عنه سؤال: يعني احنا نحتفل في المناسبة ولا الأجازة؟ عمليا الاحتفال هيحصل في الأجازة، لكن في الأغلب هيحصل بصورة مغايرة لصورة الاحتفال المعتادة...هيتحول شم النسيم ليوم أجازة تسمح بالسفر، من غير الاحتفالات المعتادة في المتنزهات بالفسيخ والبصل والبيض والفطير. 

 

بالمعنى دة، الفصل دة مختلف عما جرى من قبل، من إضافة يوم أجازة على المناسبات اللي بتيجي خلال عطلة نهاية الأسبوع...وقتها إضافة اليوم هدفه الاقتصادي واضح من إنعاش قطاعات اقتصادية، ربما على حساب قطاعات أخرى تعمل طوال السنة، لكنه مش بيفصل بين المناسبة والاحتفال بيها

 

***

هل نكتفي بفصل المناسبة عن الاحتفال بها؟ لأ طبعا. الرغبة في التحكم في الزمن غير مقتصرة على أصحاب المصالح الاقتصادية. كلنا – باعتبارنا – متداخلين في هذه المصالح بيكون عندنا هذا الميل أحيانا...كلنا شغالين في المنظومة، وعندنا رغبة نعرف بشكل مسبق الأجازة إمتى عشان نحدد مواعيد سفرنا وأجازاتها وغيره

 

لكن دة أحيانا – في المناسبات الإسلامية، القائمة على التقويم الهجري المرتبط برؤية القمر – بيكون مشكلة. يعني السؤال المعتاد: هل الأحد مثلا هيكون أول يوم العيد، وبالتالي أجازة، وبالتالي تكون الأجازة من الجمعة السابقة للأربعاء اللاحق، ولا هيطلع العيد يوم الأثنين وبالتالي الأحد نظريا يوم عمل؟ دة سؤال الإجابة عنه، على الأقل عند من يعتمدون على رؤية الهلال، بتكون مستحيلة أحيانا قبل السبت مساء (بقول أحيانا، لأنه الاعتماد على رؤية الهلال يلزم منه الحكم بوجود الهلال أصلا، فلو الهلال فلكيا لم يولد في هذا اليوم يبقى احنا عارفين من قبلها إنه مفيش رؤية)

 

حتى من غير أجازة طويلة، بيكون بس معرفة يوم العيد مهم، وهكذا في وقفة عرفة بيكون تحديد يومها مسبقا مهم عشان الناس اللي عايزة تسافر للحج قبلها مباشرة...مهم "عشان نعرف راسنا من رجلينا"

 

من منظورنا المعاصر، المرتبط تماما بالسوق وعجلة الاقتصاد، والذي ارتبطت فيه الأعياد بالأجازات، وبالتالي بصلة الأرحام وبالسفر وبالراحة...من هذا المنظور، يبدو "الزمن الإسلامي" فوضويا...يبدو – في عدم إمكان حسابه بدقة قبل الأحداث بزمن كاف – معطلا لحركة الاقتصاد ولحركة الحياة....فيكون الحل في المزيد من التحكم في الزمن

 

دة مدخل مهم في تقديري لفهم التململ الدائم من مسألة رؤية الهلال، واعتبارها مسألة "غير علمية"، مع إن الاعتبار الشرعي هو "رؤية الهلال" لا مجرد مولده، وبالتالي فلا شيء أكثر "علمية" في مولد الهلال...يعني الهلال مش بيتولد مكتوب عليه "هذا شهر كذا"، احنا اللي بنعتبر إن في شهر جديد دخل لما يحصل شيء معين...هذا الشيء حدده الخالق، مالك الزمن، بأنه رؤية الهلال...لكن احنا لاعتبارات تخص ترتيب الحياة نريده ميلاد الهلال

 

***

 

في حاجة في الزمن غير الاقتصادي تأبى الانصياع لمنطق الزمن الاقتصادي...شيء يذكرنا، طالما تعلقنا بهذا الزمن غير الاقتصادي، أن الحياة فيها ما هو أكبر منا، ومن رغبتنا في السيطرة...شيئ يذكر بالخالق: الذي ميز بعض الأوقات على بعض، والذي قدر إشارات الأوقات

Comments

Popular posts from this blog

المستشار طارق البشري

العنف ضد المرأة

ولاية المرأة