Posts

العنف ضد المرأة

  مناقشة العنف ضد المرأة سهلة صعبة. سهلة لأنها لا ينبغي أن تكون قضية خلافية. بل ينبغي أن يكون الموقف المبدئي فيها واضحا وهو أن هذا العنف قبيح، ينبغي تجريمه ككل صور العنف في المجتمع. وينبغي أن يكون النقاش مقتصرا على مناقشة تفاصيل القوانين المجرمة له من حيث سبل إثبات الجريمة وأنواع العقوبات.     وصعبة لأن هذا العنف، المنتشر في كافة المجتمعات، يحظى عندنا بـ"غطاء شرعي." فالشرع الشريف، وإن لم يكن هو الدافع للعنف، بل دوافع العنف ضد المرأة اجتماعية موجودة – بكل أسف – في جل المجتمعات البشرية، فإنه يستخدم في تبرير الجريمة، بدعوى أنه يسمح بضرب الرجل زوجته.  وسأقصر كلامي على تلك القضية تحديدا: موقف الشرع الشريف من العنف ضد المرأة، مع الإقرار بأن الشرع ليس منشئا لهذه الظاهرة، وأني لم أسمع قط بشخص يضرب زوجته "امتثالا لأمر الشرع"، وإنما يأتي التذرع بنصوص الشرع في إطار الدفاع عن النفس ولتبرير نوع الفعل الذي وقع.   وأعتذر مقدما عن الإطالة، إذ سأرتب الكلام في اثنتي عشرة نقطة/قضية، يطول الكلام في بعضها.   القضية الأولى: أن السؤال في أغلب الأحوال مشبوه. الضرب قطعا قبيح، لم يقل أحد بغي

ليسوا أصحاب الزمان: أو لماذا ينبغي أن نحتفل بشم النسيم في موعده

Image
  "ليلة القدر خير من ألف شهر"   "إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها، لعله أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقون بعدها أبدا"   *** النهاردة الحكومة المصرية بنتاقش "ترحيل" أجازة شم النسيم من يوم الاثنين ليوم الخميس   طبعا الترحيل دة له منطق: الاثنين يوم في وسط أسبوع العمل، وبالتالي يصعب فيه الترتيب لسفر وعودة، لكن الخميس – في المقابل – يسبق الأجازة الأسبوعية (وهي عند قطاع كبير من الناس، وعند الغالبية العظمى من المدارس في مصر، الجمعة والسبت)، وممكن، لو الخميس أجازة، قطاع من الناس يقرروا الاستفادة من العطلة الطويلة لنهاية الأسبوع في السفر.    دة أمر – بالإضافة لفائدته للمسافرين دول، كونه بيسمح لهم بقدر أكبر من الراحة – ممكن يكون كمان يساهم في تنشيط قطاعات من الاقتصاد، خاصة القطاعات المرتبطة بالسياحة الداخلية   لكن القرار دة بيقوم على افتراض أساسي، هو إن مقصود الاحتفال بشم النسيم هو الحصول على قسط من الراحة من العمل، وإنه – بالتالي – الاحتفال مش مقصود بيه يوم معين، بذاته، فمفيش ضرر ولا خطأ هينتج عن نقل الأجازة من الاثنين للخميس   بعبارة أخرى، الافتراض الأساسي هن

ولاية المرأة

نشرت هذا الكلام على فيسبوك في مارس ٢٠٢١، تعليقا على الجدل حول مقترحات تعديل قانون الأحوال الشخصية، والتي تضمنت تقييدا (أو استمرار تقييد) لولاية المرأة على نفسها، وتأكيدا على تبعيتها للرجل في التنظيم الاجتماعي ---- التذرع بالدين لتبرير الظلم، خاصة إن جاء مما يؤمن بالدين، إن لم يكن قصورا في الفهم، فهو سوء أخلاق وقصور في النظر. أما القصور في النظر فلأن جعل الدين في جهة الظلم وإن كان يقوي من الظلم بشرعية الدين مؤقتا، فأنه يؤدي للفظ الدين مع الظلم حتما، لأن المظلوم الذي يجرد عن حقوقه باسم الدين لن تكون لديه في الأغلب طاقة نفسية وعقلية، وليست مهمته أصلا، أن يحلل صور لي عنق النصوص الشرعية، أو أخراجها من سياقها لتبرير المظالم وأما سوء الأخلاق فمن يفعل ذلك يسعى للحفاظ على أوضاع يتميز فيها عن غيره، ثم حين يواجه بالسؤال عن سبب هذا التميز، فلا يجد إجابة ويريد مع ذلك الحفاظ على امتيازاته، يختبئ خلف الدين، لما له من جلال في نفس المستمع، إن كان المستمع مؤمنا به، أو لما في ذلك من ترهيب المستمع وإقناعه بالسكوت عن حقه، إن كان للدين هيبة عامة اجتماعية أو سياسية أو غير ذلك. هذا - في ظني - هو ما يحدث في ال

المستشار طارق البشري

Image
  ثمة شيء غريب في رؤية من نحب في الكفن شيء مؤلم، وحزين، لكنه أيضا غريب، لأننا نراهم ولا نراهم. رؤيتهم في الكفن ومتابعة الكفن بالعين وهو يتحرك إلى القبر ثم يغيب فيه هي تصديق خبر انتقالهم، وتحوله من معرفة لمشاهدة، من حق اليقين لعين اليقين. ولكن الكفن حجاب، ورؤيتهم فيه من غير وداعهم قبله تترك مساحة من عدم التصديق، أو – بالأحرى – من عدم الفهم.   "طارق البشري في ذمة الله"..."مات طارق البشري"  تلقيت هذه الرسائل صباح اليوم ٢٦ فبراير أما الموت... فأعرف معناه، وقد كثرت زياراته وتخيره من الأحباب أخيرا، ثم هو أطل برأسه قبل أيام، حين ساءت حالة البشري الصحية، ثم حين تدهورت في الأيام الأخيرة أصبحت إضافة اسمه للموت حتما وشيكا، وكان الموت يقترب بخطى ثابتة، فلم يكن خبر الموت مفاجئا، بل كنت في اليومين الأخيرين انتظر تلك الرسالة التي أخشى مجيئها    وأما المستشار طارق البشري...  فهو في مخيلتي  إ نسان بحجم الزمن، لا أعرف معنى إضافة اسمه للموت   **   أحب القراءة عمن أحب وسماع أخبارهم، وأحب معرفة سيرهم بدءا من طفولتهم لتصور مساراتهم في الحياة. كذلك فعلت مع البشري مرات كثيرة: اقتطف كلمة يق